سير الصالحين: صفية بنت حيي- سيدة بني النضير
نادية كيلاني
كانت
من سبي خيبر، فاصطفاها رسول الله لنفسه، وعرض عليها الإسلام فأسلمت، فأعتقها
وتزوجها بعد فتح خيبر سنة 7هـ، ابتنى بها بسد الصهباء على بعد 12 ميلا من خيبر في
طريقه إلى المدينة.
نسبها ونشأتها
أبوها: خصم النبي محمد، وسيد بني النضير: حيي
بن أخطب سيد بني النضير مِن سبط اللاَّوِي بن نبى الله اسرائيل بن إسحاق بن
ابراهيم –عليهم السلام– ثم من ذرية نبى الله هارون –عليه السلام-.
أمها : برة بنت سموأل من بني قريظة من ذرية
النبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن آزر.
وهي أخت الصحابي رفاعة بن سموأل.
تروى صفية بنت حيي تقول:
لم يكن أحد من أبي وعمي أحب إليهما مني، لم
ألقهما في ولد لهما قط أهش إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول صلى الله عليه وسلم
قباء -قرية بني عمرو بن عوف- غدا إليه أبي وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين، فو الله
ما جاآنا إلا مع مغيب الشمس.
فجاآنا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان
الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما نظر إلي واحد منهما، فسمعت عمي أبا
ياسر يقول لأبي: أهو هو؟
قال: نعم والله !
قال: تعرفه بنعته وصفته؟
قال نعم والله !
قال: فماذا في نفسك منه؟
قال: عداوته والله ما بقيت.
زواجها السابق
تزوجها قبل اسلامها سَلاَمُ بنُ أَبِي
الحقيقِ، ثم خلف عليها: كِنَانَة بن أَبِي
الحقيقِ, وكانا من شعراء اليهود.
فلما زفت إليه، ومضى على ذلك ليالي، رأت في
منامها كأن قمر السماء قد سقط في حجرها، فقصت رؤياها على ابن عمها، فلطم وجهها
وقال: أتتمنين ملك يثرب أن يصير بعلك.
فما
كان إلا مجيء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحصاره إياهم، فكانت صفية في جملة
السبي وقد قتل زوجها.
زواجها من نبي الاسلام
لما أجلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يهود
بني النضير من المدينة، فذهب عامتهم إلى خيبر، وفيهم حيي بن أخطب، وبنو أبي
الحقيق،
وكانوا ذوي أموال وشرف في قومهم، وكانت صفية إذ
ذاك طفلة دون البلوغ. لكنها اليوم ضمن السبايا وقد قتل زوجها. وقتل أباها مع من
قتل من بني قريظة.
عن أنس بن مالك قال: جمع السبي -يعني: بخيبر-
فجاء دحية فقال:
يا رسول الله أعطني جارية من السبي، قال: (اذهب
فخذ جارية) فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال:
يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير والله ما تصلح إلا لك.
قال: (ادعوا بها) فلما نظر إليها النبي (صلى
الله عليه وسلم) قال: (خذ جارية من السبي غيرها)
وخيّرها بين الإسلام والبقاء على دينها
قائلاً لها: (اختاري، فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، أي: تزوّجتك، وإن اخترت
اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك)
فقالت: "يا رسول الله، لقد هويت الإسلام
وصدقت بك قبل أن تدعوني، حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها
والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إليّ من العتق وأن أرجع
إلى قومي " ثم إن رسول الله أعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها.
وقيل اشتراها (صلى الله عليه وسلم) بسبعة
أرؤس، ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها.
أقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين
خيبر والمدينة ثلاث ليال يُبنى عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان
فيها من خبز ولحم، وما كان فيها إلا أن أمر بلالاً بالأنطاع فبسطت، فألقي عليها
التمر والأقط والسمن، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أوما ملكت يمينه؟
فقالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين،
وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطأ لها خلفه، ومد الحجاب.
رواية أخرى
أخرج بن سعد عن الواقدي بأسانيد له في قصة
خيبر قال:
لم يخرج الرسول صلى الله عليه و سلم من خيبر
حتى طهرت صفية من حيضها فحملها وراءه فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر مال
يريد أن يعرس بها فأبت عليه فوجد في نفسه فلما كان بالصهباء وهي على بريد من خيبر
نزل بها هناك فمشطتها أم سليم وعطرتها قالت أم سنان الأسلمية وكانت من أضوأ ما
يكون من النساء فدخل على أهله فلما أصبح سألتها عما قال لها
فقالت قال لي ما حملك على الإمتناع من النزول
أولا؟ فقلت خشيت عليك من قرب اليهود فزادها ذلك عنده.
يروى أنس يقول : ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته،
وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب.
صفية فى بيت النبوة
عن عطاء بن يسار قال لما قدمت صفية من خيبر
أنزلت في بيت لحارثة بن النعمان فسمع نساء الأنصار، فجئن ينظرن إلى جمالها وجاءت
عائشة متنقبة فلما خرجت خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) على أثرها فقال: كيف رأيت
يا عائشة؟ قالت: رأيت يهودية. فقال: لا تقولي ذلك فإنها أسلمت وحسن إسلامها.
عن كنانة مولى صفية أن صفية رضى الله عنها
قالت: دخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام، فذكرت
له ذلك فقال: ألا قلت وكيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى وكان
بلغها أنهما قالتا نحن أكرم على رسول منها نحن أزواجه وبنات عمه
وأصل هذه القصة ورد في صحيح البخاري.
وجد محمد بخدها لطمة فقال: (ما هذه؟)، فقالت:
إني رأيت كأن القمر أقبل من يثرب، فسقط في حجري، فقصصت المنام على ابن عمي ابن أبي
حقيق فلطمني، وقال: تتمنين أن يتزوجك ملك يثرب، فهذه من لطمته.
وبحسب المؤرخين المسلمين، فإن هدف النبي محمد
من زواجها إعزازها وإكرامها ورفع مكانتها، إلى جانب تعويضها خيراً ممن فقدت من
أهلها وقومها، ويضاف إلى ذلك إيجاد رابطة المصاهرة بينه وبين اليهود لعله يخفّف
عداءهم، ويمهد لقبولهم دعوة الحق التي جاء بها.
عن صفية بنت حيى :
حج النبى (صلى الله عليه و سلم) بنسائه، فبرك
بصفية جملها؛ فبكت وجاء (صلى الله عليه و سلم) لما أخبروه, فجعل يمسح دموعها بيده،
وهى تبكى, وهو ينهاها. فنزل (صلى الله عليه و سلم) بالناس؛ فلما كان عند
الرَّوَاحِ، قال لزينب بنت جحش: (أَفقرِي أُختك جَملا) وكانت من أكثرهن ظهرا،
فقالت: أَنَا أُفقر يهوديتك!!
فغضب (صلى الله عليه و سلم) فلم يكلمها حتى
رجع إلى المدينة، ومحرم، وصفر؛ فلم يأتها, ولم يقسم لها، ويئست منه. فلما كان ربيع
الأول دخل عليها؛ فَلَمَّا رأتهُ، قالت: يا رسول الله, ما أصنع؟
وكانت لها جارية تخبؤهَا من رسول الله، فقالت:
هى لك. فَمشى النَّبِيُّ (صلى الله عليه و سلم) إِلَى سرِيرِها، وكان قد رُفع،
فَوضعه بيدهِ، ورضيَ عن أَهلِه.
عن زيد بن أسلم قال اجتمع نساء النبي (صلى
الله عليه و سلم) في مرضه الذي توفى فيه واجتمع إليه نساؤه فقالت صفية بنت حيي: إني
والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي فغمزن أزواجه ببصرهن فقال: مضمضن فقلن من
أي شيء فقال: من تغامزكن بها والله إنها لصادقة.
من مواقفها فى الاسلام
كانت صفية عاقلة حليمة فاضلة روت الأحاديث عن
رسول الله (صلى الله عليه و سلم)
ويروى أن جارية لها أتت عمر فقالت: إن صفية
تحب السبت وتصل اليهود. فبعث إليها فسألها عن ذلك فقالت: أما السبت فإني لم أحبه
منذ أبدلني الله به الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحما فأنا أصلها .
ثم قالت للجارية: ما حملك على هذا؟ قالت
الشيطان. قالت: اذهبي فأنت حرة
عن كنانة مولى صفية قال قدمت بصفية بغلة لترد
عن عثمان فلفينا الأشتر فضرب وجه البغلة، فقالت: ردوني لا يفضحني. قال: ثم وضعت
خشبا بين منزلها ومنزل عثمان فكانت تنقل إليه الطعام والماء.
وفاتها
من حديث أمية بنت أبي قيس الغفارية قالت: أنا
إحدى النسوة اللاتي زففن صفية إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسمعتها تقول ما
بلغت سبع عشرة يوما دخلت على رسول الله
توفيت سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية
وقبرها بالبقيع، وأوصت بألف دينار لعائشة بنت أبي بكر.
........................
المشهد 12-8-2012 | 09:40رابط :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق