الأحد، 18 نوفمبر 2012

سير الصالحين: أبو أيوب الأنصاري- أول بيت للنبي نادية كيلاني


سير الصالحين: أبو أيوب الأنصاري- أول بيت للنبي
نادية كيلاني
أبو أيوب الأنصاري
هو خالد بن بن زيد .............. بن عمرو الأنصاري الخزرجي، معروف باسمه وكنيته.

أبوه: بن كليب بن ثعلبة بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو الأنصاري الخزرجي.

وأمه:هند بنت سعيد بن عمرو من بني الحارث بن الخزرج من السابقين.

إسلامه:

أسلم أبو أيوب الأنصاري قبل هجرة النبي إلى المدينة، وقد كان ضمن وفد المدينة الذين خرجوا لمبايعة النبي "صلى الله عليه وسلم" في بيعة العقبة الثانية. ثم نزل عنده "صلى الله عليه وسلم" عند قدومه من مكة.

وآخى الرسول "صلى الله عليه وسلم" بينه وبين مصعب بن عمير.

 قصة الناقة

 وصل رسول الله سيّدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" المدينة يوم الجمعة، وسار وسط جموع المسلمين وكل منهم يريد أن ينزله عنده، فيجيبهم باسما شاكرا لهم: «خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة» حتى وصلت إلى دار بني مالك بن النجار فبركت، فلم ينزل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فوثبت الناقة ثانية، فسارت غير بعيد ثم التفتت إلى خلفها فرجعت وبركت مكانها الأول، فنزل الرسول "صلى الله عليه وسلم" وتقدم أبو أيوب الأنصاري وحمل رحل النبي فوضعه في بيته، فأقام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب الأنصاري حتى بني له مسجده الشريف ومسكنه الكريم.

لما نزل "صلى الله عليه وسلم" بيتَ أبي أيوب الأنصاري نزل في السفل، وأبو أيوب في العلو، فأهريق ماء في الغرفة، فقام أبو أيوب وأم أيوب بقطيفة لهم يتتبعون الماء شفقاً أن يخلص إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فوجدها أبو أيوب لعظيمة فنزل إلى رسول الله فقال:

« يا رسول الله، بأبي أنت وأمي إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فاظهر أنت فكن في العلو، وننزل نحن فنكون في السفل» .

 جهاده

شهد أبو أيوب الأنصاري المشاهد كلها مع الرسول الله "صلى الله عليه وسلم" ولم يتخلف عن أي معركة كتب على المسلمين خوضها بعد وفاة الرسول إلا مرة واحدة تخلف عن جيش أعطى الخليفة إمارته لشاب من المسلمين لم يقتنع أبو أيوب بإمارته، ومع هذا بقي الندم ملازما له دوما، فيقول: «ما علي من استعمل علي؟»

 حب الرسول

 قال أبو أيوب الأنصاري للرسول "صلى الله عليه وسلم":

(يا رسول الله، كنت ترسل إليّ بالطعام فأنظر، فإذا رأيتُ أثر أصابعك وضعتُ يدي فيه، حتى كان هذا الطعام الذي أرسلتَ به إلي، فنظرت فيه فلم أرَ فيه أثر أصابعك ؟!) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(أجل إنّ فيه بصلاً، وكرهتُ أن آكله من أجل الملَكَ الذي يأتيني، وأمّا أنتم فكلوه)

كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يطوفُ بين الصفا والمروة، فسقطت على لحيتِه ريشةٌ، فابتدر إليه أبو أيوب فأخذها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :«نزع الله عنك ما تكره» وخالد بن زيد وابنه زيد ابن حارثة هما حب الرسول وابن حبه كما وصفهما الرسول

أثر الرسول في أبي أيوب:

حدث عبد الله بن عباس, فقال: خرج أبو بكر "رضي الله عنه" في الهاجرة, فرآه عمر "رضي الله عنه", فقال: يا أبا بكر, ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع, فقال عمر:

وأنا والله ما أخرجني غير ذلك, فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فقال: "ما أخرجكما هذه الساعة؟", قالا:

 والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع, فقال "صلى الله عليه وسلم": "وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غير ذلك, قوما معي, فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه".

وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله كل يوم طعامًا, فإذا لم يأت أطعمه لأهله, فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب, وقالت: مرحبا بنبي الله ومن معه, فقال رسول الله: "أين أبو أيوب؟" فسمع أبو أيوب صوت النبي "صلى الله عليه وسلم", وكان يعمل في نخل قريب له, فأقبل يسرع وهو يقول: مرحبا برسول الله وبمن معه, ثم انطلق إلى نخيله, فقطع منه عذقا فيه تمر ورطب وبسر, وقال: يا رسول الله, كُلْ من هذا, وسأذبح لك أيضًا. فقال: "إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن", وقدم الطعام إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم", فأخذ منه رسول الله قطعة من لحم الجدي ووضعها في رغيف, وقال: "يا أبا أيوب, بادر بهذه القطعة إلى فاطمة الزهراء, فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام"

 فلما أكلوا وشبعوا قال النبي: "خبز ولحم وتمر وبسر ورطب, ودمعت عيناه, ثم قال: والذي نفسي بيده, هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة",

وبعد الطعام قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لأبي أيوب: "ائتنا غدا", وكان "صلى الله عليه وسلم" لا يصنع له أحد معروفًا إلا أحب أن يجازيه, فلما كان الغد, ذهب أبو أيوب إلى النبي, فأهداه جارية صغيرة تخدمه, وقال له: استوص بها خيرًا, عاد أبو أيوب إلى زوجته ومعه الجارية, وقال لزوجته: هذه هدية من رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لنا, ولقد أوصانا بها خيرًا وأن نكرمها, فقالت أم أيوب: وكيف تصنع بها خيرًا لتنفذ وصية رسول الله؟ فقال: أفضل شيء أن نعتقها ابتغاء وجه الله وقد كان.

مواقفه مع التابعين:

عن الزهري، عن سالم، قال: أعرست، فدعا أبي الناس، فيهم أبو أيوب، وقد ستروا بيتي بجنادي أخضر, فجاء أبو أيوب، فطأطأ رأسه، فنظر فإذا البيت مستر, فقال: يا عبد الله، تسترون الجدر؟ فقال أبي واستحيا:

غلبنا النساء يا أبا أيوب, فقال: من خشيت أن تغلبه النساء، فلم أخش أن يغلبنك, لا أدخل لكم بيتًا، ولا آكل لكم طعامًا.

وعن محـمد بن كعب، قال: كان أبو أيوب يخالف مروان، فقال: ما يحملك على هذا؟ قال: إني رأيت رسول الله يصلي الصلـوات، فإن وافقته وافقناك، وإن خالفته خالفناك.

وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن أبيه، قال: انضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري في البحر، وكان معنا رجل مزاح، فكان يقول لصاحب طعامنا: جزاك الله خيرًا وبرًّا، فيغضب، فقلنا لأبي أيوب:

هنا من إذا قلنا له: جزاك الله خيرًا يغضب, فقال: اقلبوه له, فكنا نتحدث: إن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر, فقال له المزاح: جزاك الله شرًّا وعرًا، فضحك، وقال: ما تدع مزاحك.

خوفه على الرسول "صلى الله عليه وسلم"

 لما تزوج الرسول "صلى الله عليه وسلم" بصفية، بخيبر أو ببعض الطريق، فبات بها الرسول في قبة له، وبات أبو أيوب الأنصاري متوشحاً سيفه يحرس رسول الله ويطيف بالقبة حتى أصبح "صلى الله عليه وسلم"، فلما رأى مكانه قال: (مالك يا أبا أيوب؟) قال: (يا رسول الله، خفت عليك من هذه المرأة، وكانت امرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها، وكانت حديثة عهد بكفر، فخفتها عليك) فقال رسـول الله "صلى الله عليه وسلم": (اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني)

 موقفه من حادثة الإفك

 خلال حادثة الإفك، قالت أم أيوب لأبي أيوب: (ألا تسمع ما يقول الناسُ في عائشة؟) قال: (بلى، وذلك كذب، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك؟) قالت: (لا والله) قال: (فعائشة والله خير منكِ) فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك ذكر القرآن: (لولا إذْ سمعتُموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفكٌ مُبين)

دينٌ عليه:

وفي سيرة ابن عباس:  أتى أبو أيوب عبد الله بن عباس وكان أميرا على البصرة لعلي، فشكا إليه أنّ ديناً عليه، فبالغ في إكرامه، وقال: لأجزينك على إنزالك النبي -صلى الله عليه وسلم- عندك، فقال:

 (كم عليك من الدّين؟) قال: (عشرون ألفاً) فأعطاه أربعين ألفاً وعشرين مملوكاً، وقال: (لك ما في البيتِ كلِّه)

رواية الأحاديث:

يروي الزهري, عن عطاء بن يزيد الليثي, عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله "صل الله عليه وسلم": " إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة, ولا يولها ظهره, شرقوا أو غربوا".

وعن البراء بن عازب, عن أبي أيوب رضي الله عنهما قال: خرج النبي "صل الله عليه وسلم" وقد وجبت الشمس, فسمع صوتًا, فقال:

 "يهود تعذب في قبورها" وعن ابن شهاب, عن عطاء بن يزيد الليثي, عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال:

"لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

موقفه من الفتنة

 لما وقع الخلاف بين علي ومعاوية، وقف أبو أيوب مع علي لأنه رأى أن الحق معه في عدم تعجيل القصاص من قتلة عثمان، ولما استشهد علي وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة الصامدة لا يرجو من الدنيا إلا أن يظل له مكان فوق أرض الوغى مع المجاهدين.

موقفه من الجهاد

وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية جيشًا بقيادة ابنه يزيد لفتح (القسطنطينية), وكان أبو أيوب وقتها بلغ عمره ثمانين سنة, ولم يمنعه كبر سنه من أن يقاتل في سبيل الله, ولكن في الطريق مرض مرضًا أقعده عن مواصلة القتال, وكانت آخر وصاياه أن أمر الجنود وأن يحملوه معهم, وأن يدفنوه عند أسوار (القسطنطينية).

فقال: اقرأ عني السلام على جنود المسلمين، وقل لهم: يوصيكم أبو أيوب أن توغلوا في أرض العدو إلى أبعد غاية، وأن تحملوه معكم، وأن تدفنوه تحت أقدامكم عند أسوار القسطنطينية، اذهبوا بجثماني بعيدا بعيدا في أرض الروم ثم ادفنوني هناك ..أبوأيوب الأنصاري

وفاته

 جاءت محاولة فتح القسطنطينية عام 52 هـ، وكان أبو أيوب ممن خرج للقتال، فأصيب في هذه المعركة، وجاء قائد الجيش يزيد بن معاوية يعوده فسأله: (ما حاجتك يا أبا أيوب؟)

فيا له من مطلب نفذه يزيد بناء على هذه الوصية، فقد طلب أن يحمل جثمانه فوق فرسه، ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض العدو، وهنالك يدفنه، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق، حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره، فيدرك آنئذ، أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز.!

 وفي قلب القسطنطينية في إسطنبول ثوي جثمانه مع سور المدينة وبُنيَ عليه، فلمّا أصبح المسلمون أشرف عليهم الروم، فقالوا:

(يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأنٌ ؟) فقالوا:

(مات رجلٌ من أكابر أصحاب نبيّنا محمد، ووالله لئن نُبِشَ لأضْرُبَ بِناقوسٍ في بلاد العرب) فأصبح قبره لأهل قسطنطينية وقبل أن يصل لهم الإسلام قبر قديس يتعاهدونه ويزورونه، ويستسقون به.

قال الواقدي: مات أبو أيوب سنة اثنتين وخمسين، وصلى عليه يزيد، ودفن بأصل حصن القسطنطينية.
..................
المشهد 15-9-2012 | 09:13

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق