الأحد، 18 نوفمبر 2012

سير الصالحين: ريحانة بنت زيد القرظية.. ملك يمن رسول الله نادية كيلاني


سير الصالحين: ريحانة بنت زيد القرظية.. ملك يمن رسول الله
نادية كيلاني
 كانت ريحانة(بنت زيد بن عمرو بن قنافة النضيرية اليهودية بنت شمعون بن زيد القرظية أُمًّا للمؤمنين، اختلف في أمر وُصلتها بالنبي محمد النبي؛ حيث قال شبلي نعماني أن رسول الله حررها فرجعت إلى أهلها، فيما قال ابن إسحاق أنه سباها ثم تسررها۔

 أهم ملامح شخصيتها

 كانت السيدة ريحانة(رضي الله عنها) ذات جمالٍ وملاحةٍ وذات عقلٍ راجحٍ وكانت ذات حسبٍ ونسبٍ من قومها.

 قال أبو موسى: ذكرها ابن منده في ترجمة مارية، ولم يفردها بترجمة، وقيل: اسمها رُبَيْجَة بالتصغير.

 قلت: بل أفردها، فإنه قال: ما هذا نصه بعد ذكره الأزواج الحرائر، وسبي جويرية في غزوة المريسيع، وهي ابنة الحارث بن أبي ضرار،

وسبي صفية بنت حيي بن أخطب من بني النضير، وكانت مما أفاء الله عليه، فقسم لهما، واستسرى جاريته القبطية، فولدت له إبراهيم، واستسرى ريحانة من بني قريظة، ثم أعتقها، فلحقت بأهلها، واحتجبت وهي عند أهلها، وهذه فائدة جليلة أغفلها ابن الأثير.

 زواجها السابق

 تزوج منها رجلٌ يهودي من بني قريظة يُدعى(الحكم) وعاشت في بيته يكرمها، وتكرمه، حسنةُ العشرة، ولما كان رسول الله(صلى الله عليه وسلم) على أبواب غزوة الخندق وخشي غدرة اليهود، فقد عقد مع يهود بنى قريظة حلفًا أن لا يكونوا مع قريش عليهم، إلا أن يهود بني النضير انطلقوا إلى كعب بن أسد القرظى سيد بني قريظة وصاحب الكلمة فيهم وكان قد عاهد رسول الله(صلى الله عليه وسلم) على أن ينصره إذا أصابته حرب لكن كعباً نقض عهده مع رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وقام يهود بني قريظة بالحرب ضده(صلى الله عليه وسلم).

 عقب انتصار المسلمين على الأحزاب سار إليهم(صلى الله عليه وسلم) ومن معه بأمر الله، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ: بأن تقتل الرجال وتسبى الذرية وتقسّم الأموال.

وقُتل الحكم زوج السيدة ريحانة (رضي الله عنها) فيمن قتلوا من رجالات بني قريظـة، فلما علمت السيدة ريحانة بذلك قالت: لا أستخلف بعده أبداً.

 أُسرت السيدة ريحانة (رضي الله عنها) وكانت في غنيمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبعد تقسيم الغنائم أرسل النبي بريحانة إلى أم المنذر بنت قيس من بني النجار لتبقى عندها حتى تعتدّ بحيضه واحدة، وعندما طهُرت من حيضتها في المحرم سنة 6 هـ كانت عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ملك اليمين.

يقول ابن اسحاق: كانت ريحانة عند رسول الله وكان قد عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب. فقالت: يا رسول الله بل تتركني في ملكك فهو أخف عليّ وعليك، فتركها. وهذا ما رجحه ابن القيم.

 إسلامها

 كانت حين سباها تعصّبت على الإسلام وأبت إلا اليهودية، فعزلها رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ووجد في نفسه، فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه، فقال: "إن هذا لثعلبة بن سَعْيَة يبشرني بإسلام ريحانة" فجاءه فقال: يا رسول الله أسلمت ريحانة، فسرّه ذلك منها، وكان إسلامها عام 6 هـ.

 ذهب صاحب الطبقات إلى أن السيدة ريحانة(رضي الله عنها) قالت: لما سُبيتْ بنو قريظة عُرض السبي على رسول الله فكنت فيمن عُرض عليه فأمر بي فعُزلت، فلما عُزلت خار الله لي، فأرسل بي إلى منزل أم المنذر بنت قيس أياماً حتى قُتل الأسرى وفُرِّق السبي ثم دخل علىّ رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فأختبأت منه حياء، فدعاني فأجلسني بين يديه.. فقال: "إن اخترت الله ورسوله اختارك رسول الله لنفسه".. فقلت: إني أختار الله ورسوله. فلما أسلمت أعتقني رسول الله وتزوجني وأصدقنا اثنتي عشرة أوقية كما كان يصدق نساءه، وأعرس بي في بيت أم المنذر،  وكان يقسم لي كما يقسم لنسائه وضرب علىّ الحجاب.

 أحبت ريحانة رسول الله حبا عظيما وكانت تغار عليه غيرة شديدة، فطلقها وهي في موضعها لم تبرح، فشق عليها وأكثرت البكاء والندم، فرق قلبه الكبير، وأخذته الرأفة، فدخل عليها وهي على تلك الحال فراجعها.

 مكانتها عند الرسول صلى الله عليه وسلم

 كانت السيدة ريحانة(رضي الله عنها) من المقربات إلى رسول الله(صلى الله عليه وسلم) كانت لا تسأل رسول الله شيئاً إلا أعطاه لها.

ولقد كان يخلو بها ويستكثر من ذلك. قيل لها: لو كنت سألت رسول الله(صلى الله عليه وسلم) بني قريظة لأعتقهم. فقالت: لم يخل بي حتى فرق السبي.

 وفاتها

 لم ترو السيدة ريحانة بنت زيد(رضي الله عنها) الحديث حيث ماتت في حياة رسول الله(صلى الله عليه وسلم)، وتوفيت(رضي الله عنها) بعدما رجع رسول الله من حجة الوداع في آخر السنة العاشرة من الهجرة الشريفة حيث حجّ(صلى الله عليه وسلم) حجة الوداع، وفيها أرسى قواعد الإسلام، ووضع للأمة معالم تسير عليها في طريقها إلى الله، ولما رجع(صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة، رأى ريحانة وقد بدت عليها علامات المرض، ولم تمض أيام قلائل من عودة الرسول الكريم، حتى فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها، بعد خمس سنوات من زواجها بالحبيب، فحزن عليها النبي الكريم أشد الحزن.

وقامت بعض النسوة على تجهيزها للدفن، وحُملت رضي الله عنها إلى قبرها بالبقيع بجوار أم المؤمنين زينب بنت خزيمة وسار الرسول الكريم والصحابة في جنازتها وقد علا الجميع حزن شديد لفراقها.. رضي الله عنها وأرضاها.
...........................
المشهد 16-8-2012 | 16:38 رابط:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق